لواء دكتور سمير فرج يكتب: ذكريات فايد وكلية ضباط الاحتياط

بدعوة من السيد اللواء بهاء السيد عبد الرحيم مدير كلية ضباط الاحتياط في فايد لمحاضرة طلبة الكلية عن تحديات الامن القومي المصري، وجهود مصر لتحقيق الاستقرار ويومها انطلقت بنا السيارة الى مدينة فايد في منطقة قناة السويس هذه المنطقة التي قضيت فيها ست سنوات في حرب الاستنزاف وانا قائد سرية مشاة برتبة ملازم اول في الخط الامامي للدفاعات المصرية على قناة السويس وامامي مباشرة على مسافة 200 متر هي عرض قناة السويس خط برليف الاسرائيلي نقطتان قويتان هما التبة المسحورة وموقع الملاحظة.
وهكذا اطلقنا عليهم هذه الاسماء على موقع خط بارليف ومع اقترابي ودخولي مدينة فايد رأيت فجأة لافته مستشفى فايد العسكري وعاد بي شريط الذكريات سريعا الى الوراء الي تاريخ يوليو ١٩٦٧ الي فترة النكسة. وانا ضباط على الجبهة والعدو الامامي. وفي موقعي حين جاء المساء وشعرت بالإلام الشديدة ولم يكن لدينا في الكتيبة سوى عربة جيب لقائد الكتيبة. فأرسلني بعربته الى مستشفى فايد العسكري لأدخل غرفة العمليات مباشرة لإزالة الزائدة الدودية التي كانت قد انفجرت.
ولن يصدق احد لقد اجريت لي عملية الزائدة الدودية على انوار مصابيح الجاز. لأنه لم يكن هناك كهرباء وبسبب خطورة الموقف وانفجار الزائدة الدودية كان يجب إجراء العملية بسرعة دون الانتظار للصباح حيث نور النهار.
ودخلت غرفة العمليات المفروض انها معقمة لكن العملية كانت تجرى على فوانيس الجاز. لذلك بعد خروجي من العملية وجدت ان فتحة العملية تشبه فتحة الولادة القيصرية يومها قال لي الطبيب معلش ما فيش نور، اعتمدنا على فانوس الغاز لانه كان صعب. عموما كانت ذكريات ومرت كأنها امس.
وانطلقت نحو كلية ضباط الاحتياط. التي تعتبر من اهم صروح القوات المسلحة. ليس في مصر فقط ولكن في العالم كله. لان الضابط يتخرج منها ليعمل مع زميله خريج الكلية الحربية. في باقي وحدات القوات المسلحة. وللمصادفة انني كنت قبلها بيوم في جامعة الزقازيق لمناقشة رسالة الدكتوراه وتقابلت مع السيد الأستاذ الدكتور خالد الدرندلي رئيس جامعة الزقازيق قبل بدء مناقشة الرسالة وخلال الحديث اشرت انني غدا في ضيافة كلية ضباط الاحتياط في فايد وهنا صاح قائلا. تعرف ان كلية ضباط الاحتياط هي التي اوصلتني هنا رئيسا للجامعة وكان سؤالي كيف?
واجاب عندما التحقت بالقوات المسلحة ودخلت كلية الضباط الاحتياط واتخرجت منها ملازم وتعينت في اكبر مستودعات الاسلحة والذخيرة في الجيش الثاني. وكنت انا والقائد نتناوب القيادة. حقيقي تلك الفترة تعلمت منها الكثير لقد تعودت من يومها الصحيان السادسة صباحا والمرور على الوحدة كنت اقود الف جندي. كنت لا انام الليل وتوليت القيادة وانا في العشرينات. تعلمت خلال هذه الفترة معنى اتخاذ القرار. والادارة والمتابعة
واعتقد ان كل هذه الصفات التي اكتسبتها من كوني ضابط احتياط كانت احد مصوغاتي لكي انال شرف ان أكون رئيس جامعة الزقازيق. التي تعتبر خامس جامعة الان على مستوى الجمهورية. ولذلك عندما دخلت من باب كلية ضباط الاحتياط تذكرت كلمات الدكتور خالد الدرندلي في الامس لأنني سوف ادخل مصنع الرجال والقادة الجدد من القوات المسلحة. وليس للقوات المسلحة فقط ولكن لمصر كلها. وخلال مقابلتي مع السيد اللواء بهاء عبد الرحيم مدير كلية ضباط الاحتياط. حكى لي انه قبل وصوله الي الكلية كنت قائدا لاحدى الوحدات وتشكيلات القوات المسلحة في سيناء التي كانت تحارب في معركة القضاء على الارهاب. وحكى لي قصة انه كان في مداهمة لاحد اوكار الارهابيين في منطقة بالقرب من القسيمة في سيناء. وخلال التقدم اصيب احد جنوده واسمه جندي شهيد محمد صبحي من كفر الدوار وعندما وصلت اليه للاطمئنان كان الجندي يلفظ انفاسه الاخيرة
ليقول لي الجندي عندما رآني قال لي يا فندم ولا يهمك انا خلاص هبقى شهيد. المهم يا فندم كمل. لازم نقضي على الارهابيين دول. ويكمل اللواء بهاء وفي لحظات استشهد الجندي. وهو يعطي اوامره لقائده. يا فندم كمل الهجوم. يا فندم كمل. واستطرد قائلا عمرك شفت جندي يعطى الاوامر لضابط هذا هو الجندي المصري العظيم.
واعتقد انه برواية اللواء بهاء عادت لي ذكريات كثيرة في الماضي عن عظمة الجندي المصري خير واجناد الارض.
وبدأ اللواء بهاء مدير الكلية كلية ضباط الاحتياط يروي قصة تطوير الكلية خلال عام ونصف. والحقيقة انني لم اصدق الصورة التي عليها الكلية الان. تم تطوير اماكن مبيت الطلبة بصورة رائعة. واماكن تناول الوجبات التي نطلق عليها الميس. وكأنك في فنادق خمس نجوم. ثم مناطق التدريب على اعلى مستوى احترافي للفرد المقاتل. حتى معامل اللغات التي يتدرب عليها الطالب على اللغة. التي سيتعامل بها بعد تخرجه. ومثال الضابط الذي سيلتحق بسلاح الدفاع الجوي. ورغم انه خريج كلية الهندسة المصرية. لكنه يدخل معمل اللغات لكي يتعلم مصطلحات اللغة الانجليزية. ليستطيع قراءة كتب استخدام الصواريخ المكتوبة باللغة الانجليزية. وعمليات الصيانة والتشغيل.
كذلك كانت زياراتي لمستشفى الكلية المزودة بأحدث الاجهزة والمعدات. وبالطبع وجود الاطباء المجندين. ساهم على ان تقدم المستشفى كافة انواع الرعاية الطبية للطلبة. وكانت ميدان التدريب للياقة البدنية وحمام السباحة. وقاعات تدريب التكتيك وفنون القتال. حقيقي على اعلى مستوى مستخدمه اساليب العصر الحديثة من شاشات الكترونية ومفاهيم علمية حديثة كذلك مكتبة رائعة تضم كافة الكتب العلمية والثقافية والتاريخية كذلك الاتصال عن طريق الانترنت بباقي المكتبات العالمية. وعندما اعرض ذلك الامر الانهنا فإنني اريد ان أوضح لكل عائلة مصرية سوف يلتحق ابنها بالقوات المسلحة. وبالذات هذه الكلية سوف يجد مستوى معيشة لائقة وكريمة. يسعد كل اسرة ان ابنها يعيش في ذلك المستوى الحضاري اما النقطة الثانية فان يجب على الشعب المصري ان يكون فخورا ومطمئنا ان القوات المسلحة تدرب ابنائها على اعلى مستوى من الاحترافية القتالية وهذا هو المثال لضابط الاحتياط
وحان موعد اللقاء وحاضرت الطلبة بموضوعات الامن القومي والابعاد التي تهدد مصر ودور القوات المسلحة في تأمين البلاد حقيقة كنت سعيدا وانا اناقش الطلبة. وكلهم من خريجي الجامعات في كافة الموضوعات التي تهم مصر والمصريين. وفي النهاية غادرت مبنى كلية ضباط الاحتياط وكلي سعادة وثقة ان افراد القوات المسلحة اصبحوا على اعلى مستوى من الكفاءة القتالية للدفاع عن مصرنا الحبيبة.

Scroll to Top