
تعتبر ظاهرة الاغتراب الثقافي أحد الظواهر الاجتماعية الناتجة عن تعدد مصادر التعرض للثقافات المختلفة والتي تشكل في بعض الأحيان تهديدا لهوية المجتمع ، حيث يتشكل إحساس الفرد بالانتماء نتيجة لاكتساب مجموعة من الخبرات المشتركة مثل اللغة والعادات والتقاليد والقيم المجتمعية والفنون التي تشكل هوية المجتمع والتي تجعل من السهل تحقيق التواصل بين أفراد المجتمع ننيجة لوجود أرضية مشتركة بين أفراده مما يعزز إحساس الفرد بالأمان والاستقرار الاجتماعي ، ويتعرض هذا المفهوم للكثير من التحديات نتيجة لحركة التغيير المتسارع التي تتعرض لها المجتمعات في عصرنا الحديث ولاسيما مع التطور التكنولوجي المتسارع وانفتاح العالم على بعضه البعض نتيجة ثورة الاتصال عن بعد وتطور وسائل الاعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي وزيادة الاستغراق في العالم الافتراضي مما يعزز إحساس الفرد بالاغتراب نتيجة نتيجة للتعرض لكم من الرسائل التي تجعل الفرد يفقد الإحساس بفكرة الهوية وثورة التطلعات التي تجعله ناقما على الواقع ، وأصبحت تدق ناقوس الخطر نتيجة اندفاع الشباب نحو التقليد الأعمى دون وعي ، واضطراب منظومة القيم واختلاط المعايير بين ما هو مقبول ومرفوض سلوكيا ، ويعرف الاغتراب الثقافي بأنه تمرد الفرد على الثقافة السائدة في مجتمعه، وليس معنى ذلك أن كل ما يتم اكتسابه من الثقافات الأخرى سلبيا بل العكس تماما فالاندماج والتفاعل الثقافي مطلوب والانفتاح على الآخر والاستفادة بمكتسبات التقدم التكنولوجي مطلوبة ولكن المقصود هو فكرة الانسلاخ من الجذور الثقافية والحضارية وهو ما يهددها بالاندثار ، فحضارتنا الفرعونية وثقافتنا الشرقية تزخر بالكثير من القيم الراقية في مجالات الثقافة والفنون والإبداع ، وهنا يجب أن يحدث التوازن بين الاخذ بأسباب التطور والتقدم والاحتفاظ بالهوية الثقافية والاجتماعية ولاسيما انها قدمت لمسيرة التطور الانساني في فترات تاريخية عديدة العديد من المكتسبات المهمة ، وهنا نؤكد على دور كافة مؤسسات المجتمع في حماية الموروث الثقافي والحضاري لثقافتنا المصرية سواء من خلال الأسرة وتربية الاجيال على احترام ذلك وكذلك مؤسسات التربية والتعليم والاهتمام بالنشاط الطلابي الذي يعزز قيمة الانتماء ، وكذلك دور الاعلام في رفع الوعي وتعزيز قيم الانتماء للمجتمع ودفع عجلة التنمية والابتكار في مجالات العلوم والفنون والرياضة والثقافة حتى نحقق الريادة والتأثير على المستوى الوطني والاقليمي والدولي . وهنا نؤكد ان الاستعمار الثقافي هو أحد اهم المخاطر المحتملة التي تهدد ثقافة المجتمعات وتنذر بانهيارها ولاسيما مع زيادة انتشار ظاهرة الاغتراب الثقافي لدى الشباب وهو أمر لابد أن نكون منتبهين إلى مخاطره المحتملة ولاسيما أن تأثيرها تراكميا يتسلل به أعداء الأمة للقضاء على هويتهم الثقافية.