تقاريرمقالات

القيادة السعودية الجديدة تشق الطريق للمستقبل.. القمة العربية الخليجية الصينية تؤسس لنظام دولي جديد

بقلم / أحمد محفوظ

 

تمثل القمة العربية الصينية التي عقدت في السعودية وكذلك القمة الخليجية الصينية التي استضافتها المملكة العربية السعودية، خطوة جديدة وهامة على كافة الأصعدة المحلية والدولية والإقليمية فاستضافة السعودية وتنظيمها بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان هذه القمة وهذا التجمع الدولي الضخم، يكشف عن مرحلة جديدة للعلاقات تؤشر لمرحلة جديدة ،ملامحها “مملكة عربية سعودية” تشق طريقها في القرن الـ21 بكل قوة وتؤكد شبابها وعزيمتها على تعزيز مكانة الرياض الدولية، ولا يخفى على أحد معنى استضافة وتنظيم السعودية للقمتين العربية والخليجية مع ما تمثله الصين من قوة دولية عظمى تؤسس لنظام دولي جديد.

ولي العهد السعودي

وكان قد أعرب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في افتتاح أعمال القمة العربية الصينية، عن تقديره مبادرة أصدقاء التنمية العالمية التي طرحتها الصين.

وقال ولي العهد السعودي،  محمد بن سلمان “تؤسس القمة العربية الصينية لمرحلة جديدة بين دولنا”، مضيفا: “نثمن مبادرة أصدقاء التنمية العالمية التي طرحتها الصين”. وتابع الأمير محمد بن سلمان: “نقدّر موقف الصين الداعم لحل الدولتين وفق المبادرة العربية”.

من جانبه اعتبر الرئيس الصيني شي جين بينغ القمة “حدثا مفصليا في تاريخ العلاقات الصينية العربية”.

وأضاف: “نتحد ونتقدم معا بهدف تحقيق طموحات دولنا”، مشيرا إلى “إنشاء 17 آلية تعاون في إطار منتدى التعاون الصيني العربي”.

وواصل: “على الجانبين الصيني والعربي تعزيز التضامن والتعاون وبناء مجتمع لمستقبل أوثق”.

وشدد على أن “ما يجمعنا هو الاهتمام بالسلام والانسجام والسعي وراء الحق والدعوة إلى الحوار بين الحضارات”.

وجاءت كلمة الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال القمة لتؤكد على الاتي:-

علينا التمسك سويا بمبدأ عدم التدخل في شؤون الغير.

علينا العمل معا على مواجهة التحديات الكبرى مثل أمن الغذاء والطاقة.

ندعم الجانب العربي في إيجاد الحلول السياسية للقضايا الشائكة.

نحث المجتمع الدولي على احترام شعوب الشرق الأوسط.

نرحب بمشاركة الجانب العربي في مبادرة الأمن العالمي.

نحرص مع الجانب العربي على تنفيذ التعهدات المشتركة مثل تدعيم التنمية والصحة والأمن الغذائي.

ندعم نيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

ندعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

القمة الخليجية الصينية

في سياق متصل، وفي كلمة أثناء انطلاق القمة الخليجية الصينية من الرياض، أكد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن بلاده سنواصل دعمها الثابت لأمن دول الخليج، وستواصل استيراد النفط بكميات كبيرة من دول الخليج.

كما ثمن الرئيس الصيني في افتتاح الكلمة جهود السعودية لاستضافة أول قمة خليجية صينية.

وتابع: “مجلس التعاون الخليجي نجح في تخطي التحديات العالمية”، مشيرا إلى أن الدول الخليجية والصين يمكنها تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي.

شراكة اقتصادية وتكامل

وأكد الرئيس الصيني أن بلاده تتواصل مع مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، مبينا أن على بلاده تعزيز شراكتنا الاقتصادية وتحقيق التكامل ودفع التنمية.

وتابع: “نرحب بمشاركة الدول الخليجية في مبادرة الأمن العالمي”، وقال أيضا “نعمل سويا على تحقيق مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى”.

وأضاف أيضا “علينا تعزيز شراكتنا الاقتصادية وتحقيق التكامل ودفع التنمية”.

وأشار الرئيس الصيني في كلمته عن قيام بلاده بإنشاء مجلس استثمار مع دول الخليج، وإنشاء المركز الخليجي الصيني للأمن النووي.

كما أكد أن بكين ستعزز التعاون مع دول الخليج في الاستثمار بالطاقة النظيفة، وأوضح أن جهود الصين تتضافر مع دول الخليج لتفعيل نظام المدفوعات بالعملات المحلية.

يشار إلى أن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، وصل إلى السعودية، الأربعاء، في زيارة رسمية تستمر 3 أيام، يعقد خلالها لقاءات ثنائية، ويشارك في 3 قمم، هي قمة سعودية – صينية برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني، ومشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقمة خليجية – صينية بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي، وقمة عربية – صينية بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.

** السعودية والصين.. شراكة استراتيجية واتفاقات في مجالات عدة

وكان قد وقع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الصيني شي جين بينغ، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة وجمهورية الصين. وجاء ذلك خلال زيارة شي جين بينغ، إلى المملكة العربية السعودية، خلال الفترة بين 7 و9 ديسمبر، حيث عقدت جلسة مباحثات رسمية بين الجانبين، “جرى خلالها تبادل وجهات النظر حول سبل توطيد وتطوير علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين المملكة والصين، ومجمل القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك”.

وفي الشأن الثنائي، أكد الجانبان على “أهمية مواصلة إعطاء الأولية للعلاقات السعودية الصينية في علاقتهما الخارجية. كما أكدا على “دعم كل جانب الجانب الآخر في الحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، وبذل جهود مشتركة في الدفاع عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وغيره من قواعد القانون الدولي والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية”.

وأكد الجانب السعودي مجددا على “الالتزام بمبدأ الصين الواحدة”، فيما “عبّر الجانب الصيني عن دعمه للمملكة في الحفاظ على أمنها، ومعارضته بحزم أي تصرفات من شأنها التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، ورفض أي هجمات تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية والأراضي والمصالح السعودية”.

مجال الطاقة

أكد الجانبان أن “تعزيز تعاونهما في هذا المجال يعد شراكة استراتيجية مهمة”، ونوها بحجم التجارة النفطية بينهما وأسس التعاون الجيدة لما تتميز به المملكة من موارد نفطية وافرة، وما تتميز به الصين من سوق واسعة.

وأشارا إلى أن “تطوير وتوطيد التعاون بينهما في مجال النفط يتفق مع المصالح المشتركة للجانبين”. وشددا على أهمية استقرار أسواق البترول العالمية، ورحبت الصين بـ”دور المملكة في دعم توازن واستقرار أسواق البترول العالمية، وكمصدّر رئيسي موثوق للبترول الخام إلى الصين”، وفق ما ذكرت وكالة “واس”.

واتفق الجانبان على “بحث الفرص الاستثمارية المشتركة في قطاع البتروكيماويات، وتطوير المشاريع الواعدة في تقنيات تحويل البترول إلى بتروكيماويات، وتعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات والمشاريع، من بينها الكهرباء، والطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة وتطوير المشروعات ذات العلاقة”.

كما تشمل الفرص الاستثمارية “الاستخدامات المبتكرة للموارد الهيدروكربونية، وكفاءة الطاقة، وتوطين مكونات قطاع الطاقة وسلاسل الإمداد المرتبطة بها، وتعزيز التعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والتعاون في تطوير التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والابتكار في قطاع الطاقة”.

وأكدا كذلك على “أهمية تعميق التعاون المشترك في مبادرات (الحزام والطريق)، والترحيب بانضمام المؤسسات السعودية المعنية إلى شراكة الطاقة والاستثمارات المختلفة في إطار (الحزام والطريق)، وتعزيز موقع المملكة كمركز إقليمي للشركات الصينية لإنتاج وتصدير منتجات قطاع الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار المشترك في مشاريع الطاقة في دول المنطقة والدول المستهلكة لمنتجات الطاقة في أوروبا وإفريقيا، بما يسهم في تطوير المحتوى المحلي السعودي، ويحقق للصين الاكتفاء الذاتي في قطاع البتروكيماويات من خلال استثماراتها ذات الصلة في المملكة”.

التغير المناخي

رحب الجانب الصيني بإطلاق المملكة لمبادرتي “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الاخضر”. وحث الجنابان “الدول المتقدمة على أخذ مسؤولياتها التاريخية على محمل الجد، وأن تفي بجدية بتعهداتها وتقوم بتخفيض الانبعاثات بشكل كبير قبل الموعد المستهدف، ومساعدة الدول النامية بشكل ملموس على تعزيز قدراتها على مواجهة تحديات المناخ من خلال الدعم المالي والتقني وبناء القدرات”.

المجال المالي

أكد الجانبان “أهمية التعاون المشترك لدعم إنجاح مبادرة (إطار العمل المشترك لمعالجة الديون بما يتجاوز نطاق مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين) التي صادق عليها قادة مجموعة العشرين في قمة المجموعة برئاسة المملكة، وتنسيق المواقف ذات الصلة في المحافل الدولية.

وشددا على “أهمية تعزيز التعاون في مجال السياسات الضريبية، بما يسهم في تعزيز التعاون المالي والتجاري والاستثماري بين البلدين”.

 

في سياق متصل، رحب الجانب السعودي بدخول القطاع الخاص الصيني في شراكة مباشرة مع القطاع الخاص السعودي في الفرص الاستثمارية المتاحة بالمملكة، في مجالات محطات تحلية المياه المالحة، ومياه الشرب، وخطوط نقل المياه، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، والسدود، وتنظيم أنشطة تجارية بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين لمناقشة إمكانيات الاستثمار في القطاع الزراعي والصناعات الزراعية والغذائية، وتنمية المشاريع الاستثمارية الزراعية”.

مجال الاتصالات وتقنية المعلومات

أكد الجانبان ضرورة تعزيز الشراكة في المجالات المتعلقة بالاتصالات والاقتصاد الرقمي والابتكار والفضاء، لتحقيق مستقبل رقمي أفضل للأجيال القادمة في البلدين.

المجال الدفاعي والأمني

أكد الجانبان “عزمهما على تطوير التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية، وتعزيز ورفع مستوى تبادل المعلومات والخبرات في مجال مكافحة الجرائم المنظمة، وتعزيز التعاون وتنسيق الجهود وتبادل الخبرات في مجالات الانذار الاستخباراتي المبكر وتقييم المخاطر الأمنية، ومكافحة الجرائم المعلوماتية، بما يخدم ويحقق المصالح المشتركة للبلدين”.

وجدد الجانبان التأكيد على “رفض واستنكار الإرهاب والتطرف بكافة أشكالهما، ورفض ربط الإرهاب بأي ثقافة أو عرق أو دين بعينه، ورفض ممارسة ازدواجية المعايير في مكافحة الإرهاب، وأهمية نشر ثقافة الاعتدال والتسامح. كما أشادا بمستوى التعاون الأمني بين البلدين الصديقين في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله”.

وأكدا كذلك على “عزمهما على مواصلة التنسيق وتكثيف الجهود الرامية إلى صون السلم والأمن الدوليين، واستمرار التنسيق بينهما في المنظمات ذات الصلة، والدعوة إلى الحوار البناء بما يحقق مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والمبادئ الأساسية للعلاقات الدولية”.

الشأن السياسي

أكد الجانبان “دعمهما الكامل للجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية”. وأشاد الجانب الصيني بمبادرة المملكة لإنهاء الحرب في اليمن، وجهودها ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار بين الأطراف اليمنية.

كما أكد الجانبان “أهمية دعم مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، لتمكينه من أداء مهامه، والوصول لحل سياسي للأزمة اليمنية وفقا للمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الامن رقم 2216 (2015م)”.

وشددا على “أهمية التزام الحوثيين بالهدنة، والتعاون مع المبعوث الأممي الخاص لليمن والتعاطي بجدية مع مبادرات وجهود السلام، للتوصل إلى حل سياسي دائم وشامل للأزمة اليمنية”.

وفي الشأن الإيراني، اتفقا على “ضرورة تعزيز التعاون المشترك لضمان سلمية برنامج إيران النووي”. ودعا الجانبان إيران “للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والمحافظة على منظومة عدم الانتشار، وأكدا على احترام مبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”.

فيما يتعلق بالوضع في اوكرانيا، أكد الجانبان “أهمية تسوية الخلافات بالوسائل السلمية، وبذل جميع الجهود الممكنة لخفض التصعيد بما يسهم في إعادة الأمن والاستقرار، ويحد من التداعيات السلبية لهذه الأزمة”.

وقال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، عند ختام القمتين “العربية – الصينية” و”الخليجية-الصينية”. أن القمم التي عقدت في الرياض شكلت نقطة انطلاق للعلاقة بين المنطقة والصين.

وتم التاكيد في البيان الختامي على :-

أهمية تعزيز العلاقة بين دول المنطقة والصين. كما أن الشراكة الاستراتيجية مع الصين تفتح مجالات أوسع للتعاون الاقتصادي.

لدينا شراكات استراتيجية مع الولايات المتحدة والهند والصين وألمانيا.

التعاون مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم ضروري لكنه لا يعني عدم التعامل مع أكبر اقتصاد في العالم.

اقتصاد المملكة ينمو سريعا ونحتاج جميع الشركاء.

يجب أن نكون منفتحين على التعاون مع الجميع.

التعاون مع ثاني أكبر اقتصاد ضروري لكنه لا يعني عدم التعامل مع أكبر اقتصاد في العالم.

لا نؤمن بالاستقطاب أو الاختيار بين شريك وآخر.

البيان الختامي

وشدد البيان الختامي الصادر عن القمة العربية الصينية على المضي بالتعاون بين العرب وبكين إلى آفاق أرحب:

-تأكيد على صيانة النظام الدولي القائم على أساس القانون الدولي والعمل متعدد الأطراف.

-تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين القائمة على التعاون الشامل والتنمية.

 -التأكيد على احترام سيادة الدول والامتناع عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها واحترام مبدأ حسن الجوار.

-التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية في الشرق الأوسط وإيجاد حل عادل ودائم لها على أساس حل الدولتين.

-دعم جهود إيجاد حل سياسي للأزمة الأوكرانية بما يضمن المصالح الجوهرية لجميع الأطراف.

-دعم الجهود الرامية إلى منع انتشار الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل.

-تعزيز الجهود لمكافحة الإرهاب وإدانة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره ودوافعه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى