الانباء العقاريه : ملحمه حرب اكتوبر

تمثل حرب أكتوبر في الوجدان المصري والعربي والعالمي ملحمة عسكرية مدوية، فقد شهدت بطولات غير مسبوقة للجيش المصري، استطاع خلالها أن يبدد أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لايقهر، واقتحم خلالها أصعب مانع مائي في التاريخ، واستعاد على إثرها سيناء..
فهى الحرب التي أعادت الكرامة للمصريين والعرب على السواء..
وخلال الأيام الراهنة مع الاحتفال بنصر أكتوبر العظيم تطل” الأنباء العقارية” على مشاهد من النصر وكيفية التخطيط للحرب ودخولها، والانتصار فيها واسماء القادة العسكريين العظام الذين شاركوا فيها..
عبر 4 حلقات تبدأ من اليوم.. 1-4
………….
والبداية، تعتبر حرب أكتوبر أو “حرب العاشر من رمضان” كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران بالعبرية كما تعرف في إسرائيل، هي حرب شنتها كل من مصر وسوريا على إسرائيل عام 1973 وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 (حرب فلسطين) وحرب 1956 (حرب السويس) وحرب 1967 (حرب الستة أيام)، وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة عام 1967 قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.
بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 م الموافق 10 رمضان 1393 هـ بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية؛ أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة. وقد ساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة وكبرى في المعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من الدخول إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا.
تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لتعويض خسائر الأطراف المتحاربة، فمدت الولايات المتحدة جسراً جوياً لإسرائيل بلغ إجمالي ما نقل عبره 27895 طناً، في حين مد الاتحاد السوفيتي جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا بلغ إجمالي ما نقل عبره 15000 طناً.

التسمية
سميت الحرب في مصر حرب السادس من أكتوبر تيمناً بالشهر الميلادي الذي نشبت فيه الحرب أو حرب العاشر من رمضان تيمناً بالشهر الهجري الموافق لنفس التاريخ. وتعرف الحرب في سوريا باسم حرب تشرين التحريرية تيمناً بالشهر السرياني الموافق لتاريخ الحرب. فيما تعرف الحرب في إسرائيل باسم حرب يوم الغفران (بالعبرية: מלחמת יום כיפור، ميلخمت يوم كيبور) نظراً لموافقة تاريخ بدأ الحرب عيد يوم الغفران اليهودي.

الخلفية التاريخية وسبب الحرب
1967

في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1966 قامت إسرائيل بإغارة عسكرية على قرية السموع الأردنية بحجة تدمير قواعد الفلسطينيين، ومع بداية عام 1967 وجهت إسرائيل الاتهام لسوريا بتشجيع أعمال الفدائيين داخل فلسطين، وحدث اشتباك بين الطيران الإسرائيلي والسوري في 7 أبريل/نيسان 1967، أعلنت بعده إسرائيل في 12 مايو/أيار 1967 أنها ستشن حرباً على سوريا لإسقاط نظام الحكم، وقامت باستدعاء الجزء الأكبر من قواتها الاحتياطية. الأمر الذي دفع مصر إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لارتباطها مع سوريا باتفاقية دفاع مشترك، فتم إعلان حالة الطوارئ القصوى وإعلان التعبئة العامة بالقوات المسلحة المصرية، وبدأت القيادة المصرية حشد قواتها في سيناء استعداداً لتنفيذ خطة القاهر الدفاعية.
طلبت مصر في 16 مايو/أيار 1967 سحب قوات الطوارئ الدولية الموجودة على الحدود الشرقية، وأعلن الرئيس جمال عبد الناصر في 23 مايو/أيار 1967 قراره بإغلاق مضايق تيران (خليج العقبة) أمام الملاحة الإسرائيلية، تذرعت إسرائيل بأزمة غلق المضايق وأعلنت في 29 مايو/أيار أن التدخل في حرية الملاحة في خليج العقبة يعتبر عدواناً ضد إسرائيل وأعلنت تعبئة الاحتياطي ورفعت درجة استعداد الجيش الإسرائيلي.
خلال تلك الفترة كان قد مضى على خوض القوات المسلحة المصرية لمعاركها بحرب اليمن خمس سنوات والتي شاركت بعملياتها ثلث القوات البرية بدعم من القوات الجوية والبحرية مما ترتب عليه خسائر متزايدة في الأفراد والمعدات وانخفاض مستوى التدريب والحالة الفنية للأسلحة مما أثر على الكفاءة القتالية للقوات، وذلك في وقت عانى فيه الجيش المصري من تشتت في القيادة وتوزيع المهام، وسوء التنسيق بين الأفرع المختلفة والإدارات وأحادية اتخاذ القرار.
يوم النكسة
في 5 يونيو/حزيران 1967 شنت إسرائيل هجومها ضد القوات المصرية في سيناء، وضد القوات الأردنية للاستيلاء على الضفة الغربية، وضد القوات السورية للاستيلاء على هضبة الجولان، وكان رأس حربة هذا الهجوم سلاح الطيران الإسرائيلي المتفوق على الطيران العربي في ذلك الوقت كماً ونوعاً، فقامت بقصف المطارات المصرية لمنع أي طلعات جوية مصرية. أعقب ذلك اجتياح بري لسيناء وقطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي. وعلى الجبهة الأردنية وجهت الطائرات الإسرائيلية ضربتها ضد القوات الجوية الأردنية ومطاراتها واجتاحت برياً الضفة الغربية والقدس الشرقية. وبنفس الأسلوب أجهض الطيران الإسرائيلي الطلعات الجوية السورية واحتلت هضبة الجولان
حرب الاستنزاف
بعد نكسة يونيو 1967، بدأت القوات المصرية المسلحة الباسلة، شن حرب الاستنزاف، هي حرب استمرت ثلاث سنوات ونصف، شنتها القوات المصرية على القوات الإسرائيلية في سيناء عقب هزيمة حرب 1967.
قامت الحرب على أساس استنزاف قدرات الجيش الإسرائيلي وليس على أساس المواجهة المباشرة ومنعه من الوصول إلي غرب القناة. تضمنت الحرب ثلاث مراحل رئيسية هي مرحلة الصمود، ثم مرحلة المواجهة والدفاع، وأخيرا مرحلة الردع والحسم. نجحت مصر خلال تلك الفترة في استكمال بناء منظومة الدفاع الجوى المصري، وتحريك حائط صواريخ الدفاع الجوى إلى قرب حافة الضفة الغربية للقناة، وتنفيذ عدة عمليات لعبور الشاطئ الشرقي للقناة داخل عمق سيناء، كما أعادت بناء قواتها الجوية، وأعادت تنظيم وتدريب القوات المسلحة. خلال عمليات تلك الفترة استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المصرية وهو على الخطوط الأمامية للجبهة في موقع المعدية رقم 6 بمنطقة الإسماعيلية أثناء معارك المدفعية يوم 9 مارس/آذار 1969.

مبادرة روجرز
في 5 يونيو/حزيران 1970 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية مبادرة عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوم بين مصر وإسرائيل وأن يدخل الطرفان في مفاوضات جديدة لتنفيذ القرار 242. استجاب الطرفان لإيقاف النيران في 8 أغسطس/آب 1970 إلا أن إسرائيل لم تفي بالشق الثاني، وتم تمديد وقف إطلاق النار لثلاثة أشهر أخرى تنتهي في 4 فبراير/شباط 1971 ثم مددت لشهر واحد ينتهي في 7 مارس/آذار 1971، حيث أعلنت مصر رفضها تمديد وقف إطلاق النار مرة أخرى واستمرار حالة اللاسلم واللاحرب.

اكتوبر صور 2.jpg

مقدمات الحرب العظيمة
في 28 سبتمبر/أيلول 1970 توفي الرئيس جمال عبد الناصر، وانتخب نائبه أنور السادات رئيساً لمصر في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1970. عقد السادات النية على دخول الحرب وأعلن ذلك في عدة مناسبات منها إعلانه في 22 يونيو/حزيران 1971 أن عام 1971 هو عام الحسم، وكلامه أمام المجلس الأعلى للقوات المسلحة في 24 أكتوبر/تشرين الأول 1972 الذي أوضح فيه وجوب تجهيز القوات المسلحة لدخول الحرب.
ووفقا لرواية “موسوعة ويكبيديا” للأحداث في عام 1973 قرر الرئيسان المصري أنور السادات والسوري حافظ الأسد اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرتها الدولتان في حرب حرب 1967، فقرر مجلس اتحاد الجمهوريات العربية في 10 يناير/كانون الثاني 1973 تعيين الفريق أول أحمد إسماعيل علي قائداً عاما للقوات الاتحادية، وخلال يومي 22 و23 أغسطس/آب 1973 اجتمع القادة العسكريون السوريون برئاسة مصطفى طلاس وزير الدفاع مع القادة العسكريين المصريين برئاسة أحمد إسماعيل علي في الإسكندرية سراً ليشكلوا معاً المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية والسورية المكون من 13 قائد، وذلك للبت في الموضوعات العسكرية المشتركة والاتفاق النهائي على موعد الحرب، واتفق في هذا الاجتماع على بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 1973، وخلال اجتماع السادات مع الأسد في دمشق يومي 28 و29 أغسطس/آب اتفقا على أن يكون يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 هو يوم بدء الحرب.

Scroll to Top