مقالات

اليمن بين الجوع والعبث السياسي “صرف الاعاشات والمخصصات دون أدنى معايير”

بقلم/ العميد طيار ركن د. عبدالإله عبدالواسع الخضر

يعيش اليمن اليوم واحدةً من أسوأ المراحل في تاريخه الحديث مرحلة يختلط فيها الجوع بالخذلان والفساد باللامسؤولية والولاء بالمصلحة الشخصية.

منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي وتعيين رئيسه وأعضائه السبعة خارج إطار الدستور اليمني دخلت البلاد في دوامة من الاضطراب السياسي والإداري وفقدت الدولة ما تبقّى من سيادتها وهيبتها.
تتولى الحكومة صرف الإعاشات والمخصصات المالية لمن تشاء دون معايير واضحة أو عدالة في التوزيع وكأن المال العام أصبح ملكًا خاصًا يتقاسمه أصحاب النفوذ والمصالح بينما يُترك الوطنيون الحقيقيون الذين ساندوا الدولة وواجهوا المليشيات الحوثية في فقرٍ مدقع وإهمالٍ متعمد دون رواتب أو دعم أو حتى كلمة إنصاف.
بل إن العديد منهم تم إقصاؤهم من أعمالهم ومواقعهم الوطنية.
أما مؤسسين الجيش الوطني الذي لهم دور كبير في تأسس الجيش الوطني من القادة العظماء اصبحوح في البيوت برغم التضحية . الجيش قدّم آلاف الشهداء والتضحيات من أجل استعادة الدولة فقد تُرك منذ شهور بلا مرتبات ولا رعاية في تجاهلٍ تام لمعاناته. هذا الإهمال الممنهج أضعف معنوياته وأفقده الثقة في القيادة السياسية التي باتت عاجزة عن اتخاذ قرارات مصيرية تُعيد للدولة توازنها وهيبتها.
وعلى الصعيد السياسي يعيش اليمن اليوم حالة اللا حرب واللا سلم وهي الحالة التي يستفيد منها المنتفعون في الداخل والخارج على حد سواء. فقد تحوّل بعض القيادات إلى مجرّد مسافرين دائمين بين العواصم يبحثون عن المكاسب والمناصب بينما الوطن يتآكل والشعب يئن من الجوع والبطالة والتشرّد.
العاصمة صنعاء ما تزال تحت قبضة المليشيات الحوثية فيما تنشغل المناصب العليا في الدولة بتقاسم النفوذ بدلاً من تحرير الأرض واستعادة مؤسسات الدولة. وفي ظل هذا الوضع المؤلم يعيش ملايين اليمنيين في ظروف إنسانية مأساوية بلا غذاء كافٍ ولا خدمات أساسية وسط صمتٍ دولي مريب وتخاذلٍ داخلي غير مبرّر.
إن استمرار هذا الوضع يعني مزيدًا من الانهيار والمعاناة لشعبٍ صبورٍ أنهكته الحروب والصراعات. واليوم أكثر من أي وقت مضى يحتاج اليمن إلى صحوة وطنية حقيقية تُعيد الاعتبار للوطن والمواطن وتضع حدًّا للعبث السياسي وتعيد القرار اليمني إلى يد أبنائه الشرفاء.
ولا بد من الإشارة إلى أنّ التحالف العربي يتحمّل جزءًا كبيرممثلة بالمملكة العربية السعودية والامارات من المسؤولية عن هذا الانهيار نتيجةً للاختيارات الخاطئة في إدارة الملف اليمني وتغليب المصالح الضيّقة على مصلحة الشعب ومستقبل الدولة.
إنّ دعم الشرعية لا يكون بالشعارات بل بإصلاح المسار وتمكين الوطنيين المخلصين من استعادة الدولة وإنهاء معاناة الملايين.
إنّ اليمن لن يُبنى بالولاءات
أو بالمحاصصة بل بعودة الضمير الوطني والإرادة السياسية الصادقة والرؤية الشجاعة لإنقاذ ما تبقّى من هذا الوطن الجريح.
دمتم سالمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى