اكتسبت العلاقات المصرية – الروسية قوة دفع قوية جديدة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى باتت أكثر تميزا في ظل الظروف الدولية الراهنة التي تتسم بعدم الاستقرار، وقد ارتبطت علاقات مصر مع روسيا بالظروف السياسية على المستوى الدولي التي كان لها دور كبير في التقارب المصري – الروسي.
وتعد مصر في طليعة الدول التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، وتطورت على أثرها العلاقات السياسية على مستوى رئيسي الدولتين والمستويين الحكومي والبرلماني، عكستها أول زيارة رسمية للرئيس الأسبق حسنى مبارك إلى روسيا الاتحادية في سبتمبر 1997، وقد قام السيسي بعدة زيارات لروسيا منذ توليه الحكم في مصر؛ منها للمشاركة باحتفالات النصر في سنوات سابقة، وأخرى زيارات رسمية شهدت توقيع اتفاقيات تعاون، كما زار الرئيس الروسي مصر
وزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الروسية موسكو، للمشاركة في احتفالات “عيد النصر”، التي تقام بدعوة كريمة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين،تعكس قوة ومتانة العلاقات المصرية الروسية، والاحترام المتبادل بين القيادتين السياسيتين.
ومشاركة الرئيس السيسي في هذه المناسبة التاريخية المهمة تعد دليلا على عمق الروابط الممتدة بين الشعبين المصري والروسي، وتأتي تتويجا لمسار التعاون المتبادل بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى رأسها المجالات الاقتصادية، الدفاعية، والثقافي والزيارة تواكب أيضا استمرار الجهود المصرية في تعزيز الشراكات الدولية، وبناء جسور تواصل حقيقي مع القوى العالمية المؤثرة، بما يخدم المصالح الوطنية ويُرسخ لمكانة مصر كلاعب محوري في القضايا الإقليمية والدولية.
والعلاقات المصرية الروسية شهدت زخما كبيرا خلال السنوات الأخيرة، تجلى في العديد من الاتفاقيات والمشروعات الاستراتيجية وعلى رأسها مشروع محطة الضبعة النووية، والتعاون في مجالات الصناعة والتجارة والسياحة.
والحضور المصري في احتفالات النصر في موسكو يبعث برسالة واضحة للعالم، أن مصر شريك يعول عليه في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتؤمن بقيم التعددية والتعاون الدولي من أجل مستقبل أكثر استقراراً وسلاماً.
و السياسة الخارجية المصرية خلال عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي اتسمت بالحكمة والتوازن، وهو ما ساهم في استعادة الدور الإقليمي والدولي لمصر كلاعب رئيسي ومؤثر في ملفات المنطقة والعالم.
والعلاقات الثنائية بين القاهرة وموسكو شهدت تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خصوصا في مجالات استراتيجية مثل إنشاء محطة الضبعة النووية والمشروع الروسي للمنطقة الصناعية في محور قناة السويس، وكذلك في قطاع السياحة الذي يشهد إقبالا كبيرا من الزوار الروس.
والزيارة فرصة لمواصلة التنسيق والتشاور حول أبرز قضايا المنطقة، مثل الأزمة في فلسطين وليبيا وسوريا، ولمصر وروسيا دورا كبيرا في استعادة الاستقرار الإقليمي، من خلال التنسيق المباشر بين القيادتين.
والزيارات الخارجية المتكررة التي يقوم بها الرئيس إلى العواصم العالمية الكبرى، تعد انعكاسا حقيقيا لنجاح الدبلوماسية المصرية في بناء علاقات متوازنة مع مختلف القوى الدولية، وتساهم في فتح آفاق جديدة للتعاون الاستراتيجي، سواء في مجالات الاقتصاد أو الأمن أو الطاقة أو التكنولوجيا.
وهذه التحركات تعكس رؤية مصرية واضحة تقوم على تعزيز الحوار والشراكة، وترسيخ مفاهيم الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ما أكسب مصر احتراما واسعا في المحافل الدولية، وجعل منها نموذجا يحتذى به في إدارة العلاقات الخارجية بمهنية واقتدار.
وهذه العلاقات تترجم إلى مكاسب ملموسة على أرض الواقع، من خلال اتفاقيات تعاون، ومشروعات كبرى، ودعم متزايد للقضايا المصرية في المحافل الإقليمية والدولية، مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف التنمية الشاملة.
كما تساعد روسيا مصر في إنشاء أول محطة للطاقة النووية للأغراض السلمية، حيث وقع البلدان في 19 نوفمبر 2015، اتفاق تعاون لإنشاء محطة للطاقة الكهروذرية، بتكلفة تبلغ 25 مليار دولار.
وفي ديسمبر 2017، وقعت مصر وروسيا اتفاقات نهائية لبناء محطة «الضبعة» قرب شاطئ البحر المتوسط في محافظة مرسى مطروح وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية
وتستهدف مصر من مشروع «الضبعة» تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء؛ لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.
كما تشهد العلاقات الاقتصادية بين روسيا نموا كبيرا حيث سجل التبادل التجاري بين البلدين مستوى قياسيا جديدا، حيث بلغ 8 مليارات دولار في عام 2024، وتعكس الزيادة في حجم التبادل التجاري من 7 مليارات دولار في 2023 إلى 8 مليارات دولار في 2024، التطور المستمر في العلاقات الاقتصادية، خصوصا في مجالات الزراعة والطاقة والصناعة.
تعد روسيا شريكا استراتيجيا في القطاع الزراعي المصري، إذ تحافظ على موقعها بوصفها أكبر مورد للقمح إلى مصر. ففي عام 2024 وحده، صدرت روسيا 9 ملايين طن من القمح إلى السوق المصرية. وإلى جانب التجارة في المنتجات الزراعية والطاقة، تخطط روسيا ومصر لتعزيز الاستثمارات في قطاعات رئيسية أخرى كالنقل والبنية التحتية والتكنولوجيا.