العلم يرفع بيوتا لا عماد لها والجهل يهدم بيوت العز والكرم .
تلك هي الحقيقة كما وردت في بيت الشعر للشاعر الكبير حافظ ابراهيم ، ولاشك أن نهضة الشعوب والحضارات الانسانية ارتبطت بقدرتها على تطوير التعليم وربطه بمتطلبات الحياة وتحقيق التنمية ، فالتعليم هو الذي يصنع الحضارة ويغذيها وهو أداة القوة التي يمكن ان تتسلح بها المجتمعات في مواجهة التحديات والمخاطر . حيث ان العالم اليوم يتحدث بلغة القوة والقوة تكمن في التعليم ، وهناك العديد من النماذج التي صنعت من بعض الدول قوى عظمى رغم التحديات التي واجهتها مثل التجربة الماليزية والتجربة اليابانية ، فبناء البشر يجب ان يكون قبل بناء الحجر ، لانه قاطرة التنمية ووسيلتها وغايتها .وكم من الدول الفقيرة تحولت الى قوى كبيرة وغنية في الساحة السياسية والاقتصادية بسبب تطوير مناهج التعليم ، وأقصد هنا كل مكونات هذا المفهوم من المناهج والمدارس والمدرس والارتقاء بمستوى هذا المثلث ، حيث يجب ان تكون المناهج التعليمية متماشية مع متطلبات العصر الحديث وقادرة على خلق روح الابداع والابتكار وليس القائمة على التلقين والحفظ ، وان تصب في إكساب المتعلم المهارات الحقيقية المطلوبة لسوق العمل ، وكثيرا ما نقتح الجامعات ابوابها لكل الملتحقين على اساس المجموع وليس على اساس المهارات وليس على اساس حاجة سوق العمل ، ولاتزال عقدة كليات القمة تسيطر على التفكير والتحقير من شأن بعض المهن وهو الامر الذي تجاوزته الكثير من الحضارات الحديثة ، حيث يجب ان يستجيب التعليم لاحتياجات سوق العمل حتى لا نواجه بمشاكل مثل البطالة ونقص المهارات واضطرار الخريج للحصول على مزيد من الدورات التدريبية لعدم وجود المهارات اللازمة لسوق العمل .
كما يعتبر الارتقاء ببيئة التعليم من المدارس وتزويدها باحدث التقنيات والاجهزة وتوفير البيئة التعليمية المناسبة للتعلم والابداع أحد الأدوات المطلوبة بقوة .
وهنا تظهر إشكالية اخرى وهي تعدد التجارب ما بين المدارس الدولية والخاصة والحكومية التي تفرز مزيجا ثقافيا متباينا يؤدي الى تعزيز فكرة الفوارق الاجتماعية والطبقية والثقافية وخلل التركيبة الاجتماعية ، وهذا يتطلب تطوير ايديولوجية وفلسفة التعليم من خلال الخبراء والمختصين.
ويإتي تطوير اوضاع المعلم الذي وصفه الشعراء بأنه كاد ان يكون رسولا من خلال توفير مصادر الدخل اللائقة واعادة الاحترام لهذه المهنة النبيلة والقضاء على الدروس الخصوصية التي اصبحت مصدرا للدخل لعدم تناسب دخول المعلمين مع مكانتهم الاجتماعية ، وتحولها لتجارة والضغط على الاسر والاهالي اقتصاديًا واجتماعيا والمحصلة هي الفشل وإفراز خريج لا يرقى لمستوى المنافسة ، بالإضافة الى هروب الكثير من المعلمين الى الخارج لتحسين الدخل مما يؤدي إلى تجريف المجتمع من أدوات القوة فيه ىأهمها المعلم.
فالعلم هو الأساس لنهضة الشعوب ومصدرا لقوتها بين الشعوب ، وأدعو كل المهتمين بوضع هذا الملف في قائمة الأولويات ودمتم في نجاح وتقدم .