المثقف يلعب دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام وبناء حاضر الأمة وأبصار المستقبل واستشراف ملامحه وكذلك في بث الروح المعنوية والنضالية والتحفيزية للأمة تجاه قضاياه المصيرية ويساهم المثقف الوطني في تشكيل شخصية الأمة فكريا إيجابيا.
فالمثقف من خلال قلمه يشخص الواقع ويحاول التأثير على الحلول من خلال المفردات العلمية الثقافية والفكرية ومن خلال المقال والقصة والرواية والشعر والنص المسرحي تلبي طموحات الأمة لهذا فإن أعمال المثقفين تبقى خالدة مدى الدهر يتناقلها جيل بعد جيل لهذا فإن الاهتمام بالمثقف الوطني من قبل الجهات الرسمية وتوفير سبل العيش الكريم هو استثمار في نهضة الأمة وحماية ميراثها الوطني والثقافي والفكري وأصالتها وهويتها الوطنية.
ففي الجاهلية كان سوق عكاظ الشهير والذي كان منصة أدبية ثقافية في غاية الأهمية لكل الأدباء و الشعراء و الفلاسفة أكثر منه سوقا للبضائع والتبادل التجاري وفي القرن الأول الهجري كان هناك سوق المربد البصري الذي اشتهر في التاريخ بأنه المنصة التي يتعمد فيها الشعراء والأدباء و تدور فيها الحوارات و النقاشات والمثقفون العرب
على المثقف دائما أن يكون صاحب رسالة ولا ينتهي قطعا بالسؤال عن مكانة المثقف والمساحة التي يمتلكها في ظل اعتقاده الدائم
والمثقف دوره الحقيقي البناء الحضاري كما هو حاصل في مختل الحضارات عبر التاريخ. ولم يكن دور المثقف أو المفكر بعيدا عن التحديات في أي مكان أو أي مجتمع بل كان دائما يحمل رسالته التي يؤمن بها ويدافع عنها وعن رأيه لكنه لم يكن في يوم من الأيام يرضى أن يعيش دون أن يكون له شغف في البناء الحضاري وفي بناء وعي مختلف لمجتمعه ونحو تعزيز قيم التقدم والتحديث والتغيير.
ما يحدث اليوم في العالم العربي أن الكثير من المثقفين وصلوا إل مرحلة التخلي عن دور بناء الوعي وإن الكثير من المثقفين في العالم العربي يحتاجون قبل غيرهم اليوم إلى فهم دقيق لدور المثقف في بناء الدولة والمكان الذي على المثقف أن يقف فيه دائما.
إن مجتمعاتنا العربية بشكل خاص والمجتمعات العالمية في أمس الحاجة اليوم إلى صوت المثقفين والمفكرين لبناء مسارات آمنة للمجتمعات وبناء وعي حقيقي تقودها إلى منابع النور .
فالمثقف حامل للمعرفة وناقل للأفكار يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع وتتجلى هذه المسؤوليات في العديد من الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية.
وعلى المثقف يجب أن لا نحمله أكثر مما لا يطيق إذ يظل إنسانا يعتريه ما يعتري غيره فهو كائن بشري به من نزوعات الخير والشر ما يتعري أي شخص آخر. أهمية أن تكون أخلاقيات المثقف ومسؤولياته منسجمة مع دوره المفترض في مجتمعه وما يستتبع ذلك من ضرورة أن يكون قلمه وفكره ومنتجه بناء ويخدم مصلحة المجتمع ويساهم في تعزيز القيم الإنسانية فالمثقف يقدم الوعي والتنوير في المجتمع ومسؤوليته تتجاوز حدود العلم والفكر لتشمل العمل الاجتماعي والإنساني