على مدار 59 ولاية رئاسية تعاقب خلالها 46 رئيسا على حكم الولايات المتحدة الأمريكية لم تتمكن امرأة واحدة من الوصول إلى سدة الحكم.
وفي كل مرة تقترب فيها مرشحة من كرسي الرئاسة، يعود نقاش قديم جديد إلى الواجهة بشأن أسباب غياب المرأة عن هذا المنصب.
هاريس، ثاني امرأة أمريكية تترشح لمنصب الرئاسة، إنها ليست قلقة من تأثير التمييز على أساس الجنس على انتخابات نوفمبر الثاني المقبل، وأنها تعتقد أن الولايات المتحدة باتت مستعدة لرئيسة سوداء في البيت الأبيض.
ترامب شكك في الهوية العرقية لكامالا هاريس خلال مناقشة حادة في لقاء للصحفيين السود في شيكاغو شهر أغسطس الماضي.
وادعى ترامب أن هاريس لم تؤكد إلا على تراثها الآسيوي الأمريكي حتى وقت قريب عندما زعم أنها أصبحت امرأة سوداء.
المرأة الأمريكية لديها محاولات سابقة للترشح للرئاسة لكنها لم تفز بسبب سيطرة المجتمع الذكوري على رئاسة الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
والمجتمع الأمريكي لم يكن مستعدا لأن تحكمه امرأة وأن فرص كامالا هاريس في الفوز كبيرة.
وهناك تمييزا جنسيا ضد النساء من كثير من أفراد المجتمع الأمريكي الذين يعتقدون أن المرأة ليست كفؤا لهذا المنصب”.
ومن أسباب غياب المرأة عن منصب الرئاسة في أمريكا يعود إلى “تاريخ كتابة الدستور الأمريكي وحصول المرأة على حق الاقتراع والتصويت ثم نظام الثنائية الحزبي الذي يحكم الولايات المتحدة”.
وإنهاء السيطرة الذكورية على هذا المنصب يعتمد على تشجيع النساء أكثر من أجل الانخراط في الحياة العامة وهو ما يحدث باضطراد.
وإذا انتخبت في نوفمبر ستصبح كامالا هاريس أول امرأة تتولى رئاسة الولايات المتحدة في التاريخ الأمريكي، وثاني شخص غير أبيض ينتخب لهذا المنصب، بعد باراك أوباما .
في انتخابات عام 2016 تفوق عدد الأمريكيين الذين صوتوا لامرأة على أولئك الذين صوتوا لرجل بفارق كبير، إذ تجاوز الرقم 2.8 مليون صوت.
لكن نظام الانتخابات الأمريكية الخاص الذي يعتمد على أصوات المجمع الانتخابي حسب الولايات، تسبب آنذاك في هزيمة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب.
وحقيقة عدم انتخاب امرأة من قبل في التاريخ الأمريكي لا تعكس عدم وجود دعم شعبي عام للمرشحات النساء، لكن هذه الفئة تواجه صعوبة تجاوز النظام الانتخابي المعقد الذي يفرض أن يحظى المرشح الفائز بأصوات أغلب أعضاء المجمع الانتخابي.
والانتخابات الرئاسية عادة ما تشهد تمييزا ضد النساء والأقليات، بينما تحقق النساء عموما أداءا أفضل في الانتخابات عندما يمثلن جزءا من قائمة مرشحين أو في الأنظمة التي تتميز بالتمثيل النسبي.
وعلى الرغم من أن العديد من الأمريكيين يعتقدون أن المرأة تستحق القدر نفسه من القيادة مثل الرجل، فإن التحيز على أساس نوع الجنس لا يزال قائماً في بعض قطاعات المجتمع الأمريكي ، مما يجعل من الصعب على المرأة الوصول إلى أعلى منصب في البلاد.
تشير الأرقام إلى أن أكثر من نصف الرؤساء الذين حكموا الولايات المتحدة خدموا قبل ذلك في إحدى غرفتي الكونغرس أو كلتيهما، لكن تمثيل النساء في أعلى مؤسسة تشريعية في البلاد يبقى متواضعا مقارنة بالرجال في نظر بعض الأمريكيين.
وفي بداية ولاية الكونغرس الأمريكي الحالي عام 2023 بلغ عدد النساء اللاتي أدين اليمين في مجلس الشيوخ 25 امرأة من أصل 100 مقعد، وهو أقل من الرقم القياسي الذي سجله المجلس في الكونغرس السابق والبالغ 26 عضوة، وتبلغ نسبة حضور النساء في مجلس النواب 28.7% من أصل 435 مقعدا.
ورغم تزايد نسبة تمثيل النساء في الكونغرس فإن 53% من الأمريكيين لا يزالون يعتقدون أن هناك عددا قليلا جدا من النساء في المناصب السياسية العليا بالولايات المتحدة، كما يرى كثيرون أن هناك عقبات كبيرة أمام المرشحات للوصول إلى هذه المناصب مقارنة بالرجال.
تمثل خلفية كامالا هاريس الأفريقية الآسيوية ودفاعها المعلن عن العدالة العرقية علامة بارزة في السياسة الأمريكية، وذلك منذ توليها منصب نائبة الرئيس جو بايدن، لكونها أول امرأة تحتل هذا المنصب على الإطلاق.
وتشير بيانات التعداد بين عامي 2004 و2022 إلى أن النساء في الولايات المتحدة عادة ما يصوتن أكثر من الرجال، وكان 2022 عاما مميزا من حيث مشاركة النساء في الانتخابات التشريعية، خاصة بعد إلغاء الحق الدستوري في الإجهاض.
وسجلت أعلى نسب مشاركة للنساء في ولايات مثل أريزونا وكولورادو ومينيسوتا وبنسلفانيا، وفي عام 2022 جرى انتخاب 12 حاكمة على رأس ولايات أمريكية، ما يمثل رقما قياسيا جديدا.
وبعد مرور عامين على قرار المحكمة العليا بإلغاء الحق في الإجهاض، أظهرت استطلاعات رأي أن العديد من الناخبات يعتبرن أن الانتخابات الجارية تؤثر بشكل كبير على حياتهن الشخصية وحقوقهن الإنجابية.
تظهر قوة النساء في المشهد الانتخابي الأمريكي بشكل قوي على مرور السنوات، ومنذ عام 1980 تجاوزت نسبة أصوات النساء الرجال، وكان لهن تأثير كبير على الديمقراطية الأميركية، وذلك من أجل النضال لحقوق المرأة وحركة الحقوق المدنية والرعاية الصحية، واستخدمت النساء قوتهن للدفاع عن قضاياهن من خلال إقرار قانون العنف ضد المرأة وعمل الأمهات، ما أثبت كيف يمكن للمرأة أن تؤثر على التشريعات والسياسات، وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2020، أدلت نسبة 68.4% من النساء المؤهلات بأصواتهن.
ويمكن أن تلعب أصوات النساء دورا حاسما في تحديد الرئيس الجديد للولايات المتحدة، سواء كانت هاريس أو ترامب، ففي حال فوز هاريس، ستصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب.
وهي تدافع بشدة عن حق النساء في التحكم بأجسادهن، بما في ذلك حق الإجهاض، أما ترامب فهو معارض ذلك الحق إلا في حالات استثنائية، كما أن مواقف ترامب المثيرة للجدل والتصريحات الاستهزائية تجاه النساء، تعد عاملًا يؤثر في تصويت الناخبات.
إلى جانب ذلك، تلعب القضايا الاقتصادية مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، دورا رئيسيا في توجهات الناخبات،