ومازالت، حتى يومنا هذا، حطام المدمرة الإسرائيلية إيلات غارقة في مياه البحر المتوسط، أمام سواحل بورسعيد، بعدما نجحت القوات البحرية المصرية، في عام 67، في إغراقها، وهي أكبر القطع البحرية في الأسطول الإسرائيلي، في أهم معركة بحرية في التاريخ العسكري الحديث. تلك المعركة البحرية، التي دارت يوم 21 أكتوبر عام 1967، بعد شهور قليلة من هزيمة يونيو، وكانت سبباً في تغيير العديد من المفاهيم، سواء في التسليح، أو التكتيكات البحرية.
واليوم، وفي الذكرى السابعة والخمسون لتلك المعركة، اسمحوا لي أن استشهد على عظمتها بكلمات المقدم بحري إسرائيلي، إسحاق شوشان، قائد المدمرة إيلات، في كتابه بعنوان “الرحلة الاخيرة للمدمرة إيلات”، والذي حاول، فيه أن يلقي اللوم على المخابرات الإسرائيلية، بأنها كانت السبب في إغراق المدمرة، التي ترقد الآن في قاع المتوسط، أمام سواحل بورسعيد.
يقول المقدم شوشان في كتابه، عن اللحظات الأخيرة للمدمرة إيلات، “عندما اقتربت المدمرة من شاطئ بورسعيد، صعدت إلى السطح لكي أتطلع إلى المدينة، كانت الشمس تغرب في الأفق خلف مدينة بورسعيد، وبدأت الأضواء تضئ مباني المدينة. وفجأة سمعت صراخ ضابط الرادار بأن صاروخاً يقترب من المدمرة، أُطلق علينا من اتجاه مدينة بورسعيد، فرفعت المنظار، ورأيت الصاروخ يقترب من المدمرة، مخلفاً وراءه ذيلاً أسود، ليصيب المدمرة في ثوان قليلة، تسبب في ميلها حتى بدأت المياه تتسرب إليها من الجانب، وما هي إلا ثوان معدودة، إلا وتلقيت خبر إصابتها بالصاروخ الثاني من الجانب الآخر، ورأيت المدخنة تتهاوى ومعها منصة إطلاق صواريخ الطوربيد … وبدأت المدمرة في الغرق”.
وبنجاح عملية إغراق المدمرة إيلات، باستخدام لنشات صواريخ صغيرة، تغير فكر البحرية العسكرية في العالم بأسره، إذ توقفت جميع الدول عن بناء القطع البحرية الكبيرة، مثل حاملات الطائرات، والطرادات، والمدمرات، وتحولت نحو الاعتماد، تدريجياً، على الفرقاطات صغيرة الحجم، ولنشات الصواريخ.
وعندما نقص تفاصيل تلك المعركة العظيمة، لا ننسى ذكر النقيب أحمد شاكر، والنقيب لطفي جاد الله، قائدا لنشات الصواريخ، اللذان نجحا، في إغراق المدمرة، ولا ننسى معاونيهما الملازم أول السيد عبد المجيد، والملازم أول حسن حسني، والضابط البحري سعد السيد، ومعهم 25 جندياً مصرياً، هم أطقم هذه اللنشات. فما كان من القوات البحرية المصرية إلا أن خلدت ذكرى هذه الملحمة، باعتبار يوم 21 أكتوبر عيداً لها.