مقالات

فوضى الإعلانات في الموسم الرمضاني

بقلم د. عبير عزي

يعتبر الاعلان أحد مصادر التمويل المهمة للعديد من وسائل الاعلام المختلفة ولاسيما القنوات التلفزيونية وواحدا من أهم أشكال المضامين الإعلامية التي تهدف الى التعريف بالمنتجات وخلق الوعي بها ومواجهة المنافسة في الأسواق وخلق الطلب لدى المستهلك ودفعه لاتخاذ القرارات الشرائية ، وتتسابق المنتجات والعلامات التجارية لشراء المساحات الاعلانية المميزة ولاسيما في الأوقات التي تزداد فيها نسب المشاهدة وخصوصا في شهر رمضان المبارك مع تسابق منتجي الأعمال الفنية والدراما لعرض إنتاجهم الفني في هذا الشهر الفضيل ، ونتج عن حالة التسابق لدى المعلنين ان أصبحت المادة الإعلانية تطغى على المحتوى الأصلي سواء المسلسلات أو البرامج التليفزيونية في حالة عبثية نتج عنها تشتت المشاهد وهروبه أثناء فترة عرض الإعلانات حيث طغى الوقت المخصص للفقرات الإعلانية على المحتوى والتي تنظمه المواثيق الخاصة بالإعلان حيث لاينبغي أن يتجاوز مدة الفاصل الاعلاني الخمس دقائق لكل ساعة عرض وهو ما لا يحدث على الإطلاق ، فضلا عن وجود مجموعة أخرى من الظواهر السلبية المصاحبة لهذا الزخم وهي فكرة تسابق الشركات لاجتذاب نجوم الفن والرياضة والغناء لتنفيذ تلك الاعلانات وتخصيص ميزانيات ضخمة للنجم على حساب جودة المحتوى المقدم وفاعليته الإقناعية بدلا من صرف هذه الأموال في الأبحاث السوقية وتطوير المنتجات في ظل المنافسة الشرسة التي تشهدها الاسواق ، بالإضافة الى عبثية المشهد الإعلاني الذي يكتظ بإعلانات الكومباوندز والمنتجعات السياحية الباهظة الثمن التي يعقبها اعلانات التبرع لذوي الحاجة من المعدمين أو من أصحاب الأمراض والتي أصبحت تستفز مشاعر المشاهد ، فضلا عن استخدام الأطفال في الاعلانات الذي لا يخضع في كثير من الحالات للضوابط المهنية والأخلاقية والقانونية ومواثيق الشرف التي ينبغي ان تنظم حالة الفوضى السائدة ، فضلا عن استخدام المرأة في الاعلان بشكل قد يسيء الى مكانتها في المجتمع سواء عن طريق تحويلها هي إلى السلعة أو عدم إبرازها في مكانة اجتماعية تليق بها كأم وكإمرأة عاملة ناجحة في شتى مجالات الحياة .
ومن الظواهر السلبية أيضا اقتباس الأفكار من الاعلانات الاجنبية وعدم مراعاة لحقوق الملكية الفكرية أو لفكرة ملاءمتها للبيئة الاجتماعية والثقافية وغياب الإبداع في كثير منها رغم صرف المبالغ الطائلة في إنتاجها . وأيضا استغلال المرضى لكسب تعاطف المشاهد.
ومن هنا أناشد الجهات المسؤولة وجمعيات حماية المستهلك والجهات التشريعية والتنفيذية إلى التدخل لضبط حالة الفوضى الموجودة وتقنين الاعلانات من حيث توقيتات ومساحات البث وكذلك من ناحية المحتوى المقدم وتوجيه تلك الميزانيات الضخمة لتطوير المنتج والافكار الابداعية وبحوث المستهلكين لترشيد الإنفاق ، وكذلك تفعيل مواثيق الشرف المنطمة للممارسات الإعلانية التي قد تتسبب في الحاق الضرر المادي والمعنوي لجماهير الوسائل الاعلانية .
فالإعلان صناعة وعلم وفن لا غنى عنه لدفع عجلة الاقتصاد والإنتاج والرخاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى