نوران الصاوي تكتب// الدكتور النفسي.. “للمجانيين فقط”

شكلت الدراما والسينما صورة ذهنية عن “الطبيب النفسي”، انه خاص بعلاج الحالات المتأخرة من الامراض النفسية داخل المصحات والمستشفيات فقط، وانه يقوم بجلسات العلاج بالكهربا، الصعق، والتعذيب…!
لا شك ان الامراض النفسية هي امراض العصر حاليا، وفي السنوات الاخيرة عاصرنا حوادث غاية في البشاعة من قتل وتعذيب، حتى شكل الجريمة اختلف، كواقعة ام تذبح وتطبخ ابنها، وأب يقتل أبنائه بمنتهى “البرود”، وزوج يذبح زوجته لمجرد رفضها “تحضير العشا”
او “من أجل حقوقه الشرعية” ، بخلاف حالات الانتحار بين الشباب، بالرغم من اختلاف الطبقات والحالة المادية،
وعند البحث في أسباب الجريمة هتكتشف انها “تافهة”، وبالاستمرار في كشف الأسباب تجد ان ” القاتل مريض نفسي” …
شكل المريض نفسيا مختلف عن الصورة الذهنية المكونة لدينا، انه “يصرخ وشعره منكوش وبيكلم نفسه ” ! ،
فالمريض النفسي هو شخص يعيش وسطنا بشكل يبدو طبيعي، ومن الصعب معرفة انه مريض،
ولذلك نندهش عند سماع تفاصيل حوادث القتل البشعة مؤخرا،
نحن بحاجة إلى انتشار
فكرة “الثقافة النفسية”، وأن زيارة الدكتور النفسي
“مش عيب” و انه “مش دكتور مجانيين” .
المتعارف عليه هو وجود مؤتمرات وتحليلات ونصائح وبيانات طوال الوقت عن الأمراض العضوية، ولكن ثقافة الأمراض النفسية مهمشة تماما، والمريض “مبيعرفش انه مريض”،
الا بعد دمار حياة من حوله ،
وانتشار الثقافة النفسية في المجتمعات العربية امر مهم لأننا
” اتربينا على أن زيارة الدكتور النفسي تعتبر وصمة عار”،
واى شخص لا يخجل من إصابته بمرض عضوي، لكن مستحيل اعترافه انه بحاجة لدكتور نفسي،
ومن هنا تبدأ الكوارث والحوادث التي يدفع ثمنها أبرياء وضحايا للمريض، الثقافة النفسية ستحتاج لوقت طويل لتغير الفكرة المترسخه عنها، وتبدأ بالفن وإظهار الصورة والدور الحقيقي للطبيب النفسي، وأن زيارته لا تقل أهمية عن “طبيب القلب والمخ والأعصاب”،
لابد من التثقيف في المدارس والجامعات، ووجود استشاري نفسي في المدرسة والجامعة لا يقل أهمية عن وجود المعلم؛
باختصار… اهتمامنا بالصحة النفسية للأجيال القادمة هيفرق كتير في شكل المجتمع..
لمن يهمه الأمر.