الكاتب الصحفي العارف بالله طلعت يكتب: نصر أكتوبر العزة والكرامة

حرب أكتوبر المجيدة علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية العريقة بقيادة الرئيس
الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام .
إن حرب أكتوبر المجيدة لم تكن مجرد معركة عسكرية خاضتها مصر وحققت فيها أعظم انتصاراتها وإنما كانت اختبارا حقيقيا لقدرة الشعب المصري على تحويل الحلم إلى حقيقة.
فلقد حقق جيل أكتوبر العظيم النصر ورفع راية الوطن على ترابه المقدس وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ حين عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة في السادس من أكتوبر عام 1973 إلى الضفة الشرقية لقناة السويس
لاستعادة أغلى بقعة في الوطن؛ وهي سيناء واستعاد المصريون الأرض واستعادوا معها كرامتهم واحترام للعالم
اليوم تمر علينا الذكرى التاسعة والأربعون على نصر السادس من أكتوبر عام 1973 وبهذه المناسبة نهنىء الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهوريةوالقوات المسلحة والشعب المصرى بانتصارات اكتوبر العظيمة.
ذلك النصر الذي قاتل المصريون من أجله ودفعوا أثمانا غالية من دمائهم الطاهرة ليستردوا جزءا غاليا وعزيزا من أرض الوطن مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.
ومن اليوميات المضيئة لنصر اكتوبر الفريق أول محمد أحمد صادق وزير الحربية الأسبق هو أحد قادة القوات المسلحة المصرية الذين كان لهم مكانة خاصة فى قلوب الضباط والجنود.وقام بدور رائع فى إعادة الثقة إلى أفراد القوات المسلحة واستعادة سيناء بعد نكسة يونيو ١٩٦٧ عن طريق انتصار أكتوبر العظيم .وشارك الفريق أول محمد صادق بعد نكسة 1967 في مرحلة إعادة بناء القوات المسلحة فشارك فى مجال تطوير وتحديث أساليب جمع المعلومات وشكل الفريق اول محمد أحمد صادق مجموعة خاصة بقيادة الشهيد البطل إبراهيم الرفاعي مع صفوة من رجال القوات المسلحة من الصاعقة البرية والصاعقة البحرية للعمل خلف خطوط العدو وقد سميت هذه المجموعة بعدة أسماء منها منظمة سيناء وقوات الكوماندوز والمجموعة 39- قتال.
ومن يوميات نصر اكتوبر حكاية المجاهدة السيناوية فرحانة سالم وكانت مهمتها اختراق المعسكرات الإسرائيلية ومعرفة المعلومات وتصوير الخرائط وكانت مهمة صعبةوكانت تنقش البيانات والأرقام على الرمل ثم تقوم برسمها على قطع من القماش بخيوط وبعدها تقوم بوصلها بجلبابها البدوي. وساعدها فى ذلك طبيعة الزي السيناوي وهو ما مكنها من التنقل بين ثكنات العدو ومخيماته بـ (بؤجة) تحمل بها بعض الأقمشة التي قررت أن تبيعها للأعداء وفي رحلة العودة كانت ترصد أعدادالمعدات الإسرائيلية والنقوش المرسومة عليها عبر الحفظ في الذاكرة لعدم إجادتها القراءة والكتابة والنقل عن لسان الفدائيين في سيناء الرسائل إلى القيادات الأمنية في القاهرة .
وإستطاعت فرحانة سالم الحصول على خريطة مطار (الدورة) الذي خطط لبنائه اليهود؛ وكانت من أكبر العمليات الاستخباراتية التي سطرتها مصر ضد العدو اليهودى من خلال السير على الأقدام إلى منطقة (الدهيشة) وكانت تقوم بإخفاء آثار أقدامها مرة بجريدة ومرة بجلد ماعز.
كما تمكنت من تصوير أحد أهم القواعد الإسرائيلية في (كامب ياميت) وكانت من المهام الصعبةوقد تعرضت القبض عليها من قوات الإحتلال الإسرائيلي أكثر من مرة.وتم إحتجازها بمكتب مظلم وعرض عليها الضابط الإسرائيلي 100 طلب مقابل معلومة واحدة عن مكان عطية سالم قائد المجموعة وقتها فرفضت الاعتراف بشىء وتم الافراج عنها بعد فترة من الوقت. وكانت فرحانة سالم تخبر المجاهدين في سيناء بنجاح مهمتها في كل مرة عن طريق إرسال برقية لأحد برامج الإذاعة المصرية وكنت تقول في رسالتها : ( أنا أم داود .. أهدي سلامي إلى إخواني وأخواتي في الأراضي المحتلة) وكانت الأفراح تعم ربوع القبيلة عند سماع هذه البرقية في سيناء ويقوم المجاهدون بتوزيع الحلوى إبتهاجاً بنجاح العملية.
ومن يوميات نصر اكتوبر الرقيب أول محمد عبد العاطى الملقب بصائد الدبابات؛ وكان أشهر الذين حصلوا على نجمة سيناء من الطبقة الثانية الذى أطلق عليه صائد الدبابات لأنه دمر خلال أيام 27 دبابة ومجنزرة بمفرده وقد تم تسجيل عبدالعاطى فى الموسوعات الحربية كأشهر صائد دبابات فى العالم وقد كان نموذجا للمقاتل العنيد الشجاع
وعندما نتحدث عن نصر اكتوبر لا ننسى البطل محمد العباسى من أبطال حرب أكتوبر المجيدة وأول من رفع العلم المصرى رمز الدولة وعزتها على أول نقطة حصينة بخط بارليف فى حرب 1973.
ومن يوميات نصر اكتوبر تحرير مدينة القنطرة شرق المطلة على الضفة الشرقية لقناة السويس وانتشار القوات بأعماق تتراوح من 9 إلى 16 كيلو متر فى سيناء كان بمثابة الضربة الأقوى للعدو المحتل منذ اندلاع الحرب نظرا لأهمية القنطرة شرق الاستراتيجية فى المعارك تاريخيا فإن معركة القنطرة شرق من أهم معارك حرب أكتوبر نظرا لكون الحصون التي بناها العدو كانت من أقوى حصون خط بارليف البالغ عددها 7 حصون في المسافة المواجهة للفرقة والتي تبلغ 37 كيلومترا بينما مواجهة مدينة القنطرة شرق تبلغ 18 كيلومترا وتحميها 4 نقاط حصينة قوية ويبلغ عمق مسرح العمليات 15 كيلومترا وهى المسافة التي تحميها قوات الدفاع الجوي ضد أية هجمات جوية اسرائيلية رغم ماتدعيه القوات الاسرائيلية من خطورة الذراع الطويلة لقواتها الجوية. وبدأت فرقة المشاة المكلفة بتحرير القنطرة شرق بقيادة العميد فؤاد عزيز غالي في اقتحام وعبور القناة..
وبعد أن عبرت القوات حاصرت المدينة ليلة 7 أكتوبر وطهرتها تماما من الاعداء حيث تم اسر عدد من جنود العدو والاستيلاء على دبابات ومعدات حديثة بحوزتهم .حيث تم أسر 30 فردا للعدو هم كل من بقى في المدينة وتدمير 37 دبابة التى تم اقتحامها من اتجاه الشمال بالقرب من عزبة الغطوس الان ثم توغلت القوات جنوبا وغربا .
لم تكن المعركة سهلة بل كانت فى منتهى الصعوبة حيث نجحت الفرقة 18 فى السيطرة عليها بعد 3 محاولات سابقة وحالة كر وفر مع قوات العدو التى حصلت على تعزيزات كبيرة لكن فى نهاية المطاف تم السيطرة على المدينة والتى تم تامين جانبها الجنوبى من خلال الفرقة 16 .