مقالات

رسالة إلى أعداء مصر

بقلم// أحمد محفوظ

في 1973 لم يكن لدينا أي جندي شرق القناة، وكان أمامنا أكبر مانع مائي ممثل في قناة السويس، الملغمة بشبكة من النابالم، وأكبر ساتر ترابي في التاريخ. أما اليوم، فكل هذه العوائق غير موجودة، ولدينا أكثر من 80 ألف جندي داخل سيناء، منهم ما لا يقل عن 40 ألف جندي على حدود غزة، ونستطيع نقل ما لا يقل عن 100 ألف جندي في دقائق معدودة. كما أن لدينا في سيناء عشرات الآلاف من المعدات العسكرية والدبابات والمدافع وناقلات الجنود والطائرات وغيرها.

هذا هو المعلن، أما الغير معلن فسوف يزلزل العالم والكيان المحتل، فالجيش الذي استطاع أن يحقق معجزة عسكرية بكل المقاييس في حرب 1973 رغم قلة الإمكانات والقدرات والسلاح، فما بالك به اليوم وهو يمتلك كل أنواع الإمكانات والخبرات.

هناك من يظن، أو صدّق كذبة وأقنع نفسه أنها حقيقة، أن جيش مصر “جيش المكرونة والزراعة والطرق”، ولم يعد يهتم بالجانب العسكري، وهذا على غير الحقيقة. فمن يقوم بالمشروعات المدنية لا يتعدى واحدًا في المليون من الجيش المصري. تلك المشروعات ضرورية للجيش لأنها توفر الاحتياجات الغذائية والفائض يذهب إلى القطاع المدني، أما الجيش فيكفيه أكثر من خمس سنوات في حالة حرب مع الإرهاب.

والحرب الحقيقية لم تكن مع مجموعة من جماعة الإخوان أو الجماعات التكفيرية، بل هؤلاء كانوا في الواجهة، أما الحرب الحقيقية فقد كانت مع أكبر الدول، ويقف خلفها أكبر أجهزة المخابرات في العالم. ومع ذلك استطاع الجيش المصري تحقيق عليهم هزيمة ساحقة.

ده غير المناورات العسكرية التي يقوم بها الجيش لرفع الكفاءة القتالية، والتي كان آخرها وتقام الآن بمشاركة 42 دولة، مناورات “النجم الساطع“.

لا تنتظروا سقوط مصر، فمصر دولة تختلف عن كل دول العالم، ومن لا يصدق فالتاريخ موجود القريب والبعيد. وسنتحدث هنا عن القريب، وهو نفس الجيش، وبالتحديد عام 2011، عندما تم إسقاط الدولة المصرية بالكامل عبر مخطط محكم قادته مجموعة من كبار الدول. وفي الوقت الذي كانت تحتفل فيه أجهزة مخابرات تلك الدول بنجاح المخطط وسقوط مصر، وتخطط للمرحلة التالية من تقسيمها ووضع قواعد عسكرية على أرضها، تفاجأ المحتفلون بأن جيش ومخابرات مصر كانا يلعبان معهم بنفس الطريقة ويعرفان كل تفاصيل المخطط، وما حدث لم يكن انتصارًا لهم، بل تكتيكًا عسكريًا.

في ذلك الوقت، اعتقد العدو أن أرض سيناء مفتوحة، لكن بفضل وضع مختلف ورفع حالة الاستعداد إلى أعلى درجة، أصبحت سيناء تحت سيطرة الجيش المصري في ساعات معدودة، وتم الضغط لتعديل اتفاقية كامب ديفيد بما يسمح لمصر بإدخال عدد أكبر من الجنود والمعدات.

أما بالنسبة للأسطول السادس الأمريكي الذي كان يتواجد بالمياه الإقليمية أمام بورسعيد، فقد أُجبر على الانسحاب بطريقة مهينة من قبل القوات الجوية المصرية.

لأن المخابرات كانت تعرف أن الهدف من المخطط هو وصول الإخوان للحكم بعد اتفاق بينهم وبين أوباما وهيلاري كلينتون لتنفيذ صفقة القرن، والتنازل عن مساحة من سيناء لتكون وطنًا للشعب الفلسطيني مقابل 100 مليار دولار تُدفع لمصر، تم إدارة هذا الملف بطريقة يجب أن تُدرس في كل أنحاء العالم من قبل الجيش والمخابرات المصرية، حتى لا تحدث مواجهة بين الشعب والجيش، إلى أن تم السيطرة على عناصر المخطط بعد أن أدرك الشعب زيف وكذب الإخوان.

لتعود مصر أقوى من قبل عام 2011، وتعمل على إعادة بناء الجيش والدولة بشكل لم نكن نحلم به، كل هذا بفضل التفاف الشعب خلف الجيش رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.

الشعب المصري وحده هو الذي يقول “ياما دق على الرأس طبول”، مقولة لا يمكن لأحد فهم معناها غير شخص مصري.

ورغم كل التحديات المفروضة على شعبنا، لم نتخل عن الأشقاء، فكل يعرف دور مصر في الوقوف خلف دول الخليج، ودورنا في ليبيا والسودان والصومال، ودور مصر في القضية الفلسطينية وحرب غزة، ووقوف مصر وحدها في وجه محور الشر: أمريكا وبريطانيا وإسرائيل، ومنع التهجير.

أما الحرب الثانية فهي حرب 1967، عندما دُمّر الجيش بالكامل واحتُل ما يقرب من ربع مساحة مصر. وقتها ظن العدو أنه قضى على مصر وجيشها، ولكن في غضون أيام تفاجأ بتدمير المدمرّة “إيلات” والرصيف الحربي لميناء إيلات وعدد من القطع الحربية.

ثم كانت المفاجأة الكبرى، ففي أقل من ست سنوات، ورغم كل التحصينات العسكرية ممثلة في أكبر مانع مائي وأنابيب النابالم على طول خط المواجهة بقناة السويس، وأخطر وأكبر ساتر ترابي، والتي اعتقد العدو أنه لا يمكن لأحد عبوره، سقط خط بارليف في يد جنود مصر في أقل من ست ساعات.

ورغم التفوق العسكري للعدو ووقوف “الشيطان الأكبر” خلفه وامتناع بعض الدول عن تزويد مصر بالسلاح، استطاع الجيش المصري العظيم تحقيق انتصار ساحق على العدو، لدرجة أن الأمر وصل إلى حالة من الصراخ والعويل داخل دولة الكيان المحتل، ومطالبتهم لأمريكا بالتدخل العسكري ضد مصر. بالفعل تم إرسال مساعدات عسكرية أمريكية غير مسبوقة، وأُعلن أنه إذا لم يتم وقف إطلاق النار سوف تتدخل الولايات المتحدة بشكل معلن.

لقد كان وقوف أمريكا بهذا الشكل عائقًا أمام الجيش المصري وقتها من تحرير المسجد الأقصى والقدس، بل وكل فلسطين بعد تدمير تل أبيب. ولكن استجاب الرئيس أنور السادات لقرار أمريكا بوقف إطلاق النار، لتحول هزيمة 1967 إلى أكبر انتصار عسكري.

أما إذا حدثت حرب جديدة مع الكيان الإسرائيلي الإرهابي، فلن تستطيع أمريكا أو أي دولة في العالم الوقوف في وجه الجيش المصري أو شعبه. وهذه معلومة جديدة لا يعرفها البعض، أن مع إعلان الحرب قد يسبق الشعب المصري الجيش.

هذه هي مصر، التي لن تموت ولن تسقط أبدًا، بفضل الله وجنودها وشعبها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى