سيد عبد الفتاح يكتب بين الحر والمهانة… شهادة من قلب لجان الثانويه العامه بالجيزة

في اللحظة التي يتحوّل فيها الوطن إلى قاعة انتظار كبرى، يترقّب حصاد طلاب الثانوية العامة، كانت بعض لجان الامتحان تسجّل مشاهد لا تليق بمستقبل ولا تَرحم أحلامًا تتشكل على الورق.

ففي بعض مدارس الجيزة، تحوّلت اللجنة إلى اختبار آخر… ليس في الفيزياء ولا الجغرافيا، بل في الصبر والكرامة.
مراوح مُعطّلة، قاعات خانقة بلا تهوية، وطالبات تتصبب عرقًا في صمت… بعضهن لم يحتمل، فسقطن مغشيًا عليهن، وسط إهمال لا يُرى في التقارير.

المقاعد مهترئة لا تصلح للاستخدام الآدمي، وعندما حاولت بعض الطالبات التعبير عن ألمهن، كان الرد قاسيًا، ساخرًا، يفتقد لأي حس تربوي أو أبوي.
أما المياه، فلا مياه باردة، ولا حتى إحساس بالاحتياج الإنساني في هذا الحر الخانق.

لكن المشهد الأكثر قسوة، ما يحدث عند أبواب دورات المياه.
حيث تُفتَّش بعض الطالبات تفتيشًا ذاتيًا مبالغًا فيه، بطريقة مهينة تُشعرهن وكأنهن في معسكر احتجاز، لا لجنة امتحان.
تفتيش يمس الجسد والكرامة، ويترك أثرًا نفسيًا لا يُمحى، حتى إن بعض الطالبات صرن يخشين طلب الذهاب إلى الحمام خوفًا من الإذلال.

ومما يزيد المشهد قتامة، لهجة التشكيك المسبقة:
يُقال لبعض الطالبات عند دخول اللجنة: “رايحة تغشي؟ طلّعي اللي معاكي”، وكأن الطالبة متهمة قبل أن تجلس… قبل أن تُفكر… قبل أن تُجيب.

أين الرأفة؟ أين التعليم؟ أين العدالة؟

الطالبة ليست خصمًا، ولا مشروع غش… بل مشروع أمل، وسفيرة لعائلة تحلم، ولوطن يبني مستقبله على أوراق الامتحان.

وإذا أصبحت المروحة مجرد قطعة ديكور، والمراقبة قناعًا للتسلّط، فماذا تبقى من معنى اللجنة؟

ما يحدث في بعض هذه اللجان ليس مجرد تقصير إداري، بل جرح أخلاقي… واختبار صعب لإنسانيتنا.
وللأسف، كثيرون سقطوا فيه.

Scroll to Top