تحذيرات من البلاستيك الدقيق والنانوي في تغليف الأغذية
أظهرت دراسة حديثة أن تمزيق الأغطية البلاستيكية عن اللحوم، والفواكه، والخضروات، وكذلك فتح وإغلاق العبوات الزجاجية أو البلاستيكية، قد يؤدي إلى تسرب جزيئات بلاستيكية دقيقة ونانوية إلى الطعام، وهو ما قد يشكل خطرًا على الصحة العامة.
تسرب الجزيئات البلاستيكية أثناء التغليف
وأوضحت الباحثة ليزا زيمرمان، من مؤسسة Food Packaging Forum السويسرية، أن عملية الاحتكاك الناتج عن فتح أو غلق أغطية الزجاجات أو العبوات البلاستيكية قد تطلق كميات هائلة من البلاستيك المجهرية في المشروبات.
وأضافت أن الدراسة التي نُشرت في مجلة NPJ Science of Food كشفت عن تزايد عدد الجسيمات البلاستيكية مع كل استخدام للعبوة، مشيرة إلى أن استخدام مواد تغليف الأغذية يُعد سببًا رئيسيًا لانبعاث هذه الجسيمات الدقيقة والنانوية.
منتجات غذائية ملوثة بالبلاستيك الدقيق
فحصت الدراسة وجود الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في عدد من المنتجات الاستهلاكية، شملت العصائر، المياه المعدنية، الأرز، الأسماك المعلبة، أكياس الشاي، ملح الطعام، والمشروبات الغازية. وبيّنت النتائج أن معظم هذه المنتجات تعرضت للتلوث أثناء مراحل التصنيع أو التعبئة أو التخزين.
تحقيق مستقل يكشف عن آلاف المواد الكيميائية
في تحقيق منفصل أجرته المؤسسة نفسها في سبتمبر 2024، تم الكشف عن تسرب أكثر من 3600 مادة كيميائية إلى المنتجات الغذائية خلال مراحل المعالجة، ما يؤدي إلى انتقالها مباشرة إلى جسم الإنسان.
وأكد ديفيد أندروز، الباحث في منظمة Environmental Working Group، أن الدراسة تمثل “ناقوس خطر”، حيث تُظهر مدى خطورة تغليف الأغذية كمصدر محتمل للتعرض للبلاستيك، وهو أمر أقل وضوحًا ولكنه بالغ الأثر على الصحة.
البلاستيك النانوي يصل إلى مجرى الدم
تُعرّف الجسيمات البلاستيكية الدقيقة بأنها جزيئات يتراوح حجمها بين أقل من 5 مليمترات وميكرومتر واحد، بينما يُطلق على الجزيئات الأصغر من ذلك اسم البلاستيك النانوي.
ويؤكد العلماء أن هذه الجزيئات الصغيرة للغاية تستطيع اختراق أنسجة الجهاز الهضمي، بل والوصول إلى مجرى الدم، مما يتيح لها نقل المواد الكيميائية الصناعية الضارة إلى أنحاء الجسم كافة، وحتى داخل الخلايا.
توصيات للحد من التعرض للبلاستيك
رغم صعوبة التخلص الكامل من الجسيمات البلاستيكية الدقيقة في سلاسل الإمداد الغذائي، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها للحد من التعرض، أبرزها:
- استخدام عبوات من الزجاج أو الفولاذ المقاوم للصدأ بدلًا من البلاستيك عند تخزين الطعام والمشروبات.
- تجنب تسخين الأطعمة أو المشروبات داخل عبوات بلاستيكية في أفران الميكروويف.
- الامتناع عن وضع البلاستيك في غسالات الصحون، لأن الحرارة قد تُطلق المزيد من المواد الكيميائية.
التوعية بخطر التغليف ضرورية
أشار الدكتور ليوناردو تراساندي، مدير طب الأطفال البيئي في جامعة نيويورك، إلى أهمية رفع الوعي بخطورة المواد البلاستيكية، مؤكدًا أن تسخين البلاستيك يعزز تسرب الجسيمات، بما في ذلك حليب الأطفال وحليب الأم المخزّن.
وبينما يزداد الاعتماد على المواد البلاستيكية في تغليف الأغذية عالميًا، تحذر هذه الأبحاث من ضرورة مراجعة سياسات التعبئة والتغليف، والعمل على إيجاد بدائل أكثر أمانًا، لتقليل التعرّض لمواد قد تكون مرتبطة بمخاطر صحية جسيمة.