سيد عبد الفتاح يكتب: مراوح “ديكور” ولجان بلا هواء.. من يُحاسب تعليم الجيزة؟

في قلب ماراثون الثانوية العامة، وبينما تحاول الدولة جاهدة توفير أجواء آمنة ومنظمة للطلاب، تأتي محافظة الجيزة كنموذج صارخ على غياب التنفيذ، بل والاستهانة المباشرة بتعليمات الوزارة واحتياجات الطلاب.
فما جرى في عدد من لجان الجيزة ليس مجرد خلل فني عابر، بل هو ضعف إداري كامل تتحمّل مسؤوليته المباشرة مديرية التربية والتعليم بالمحافظة، وعلى رأسها وكيل الوزارة
وعود رسمية.. وواقع محبط
خلال الأيام الأولى من الامتحانات، وفي ظل شكاوى متكررة عن ضعف التهوية داخل اللجان، خرج وكيل وزارة التربية والتعليم بالجيزة ليؤكد – في تصريح رسمي – أن “مراوح السقف تم تركيبها في جميع اللجان حرصًا على راحة الطلاب”.
لكن ما رُصد فعليًا على الأرض من قبل متابعين ميدانيين ومصادر مطلعة، يكشف عن مفارقة مؤسفة: المراوح تم تركيبها فعلًا، لكن دون تشغيلها. وكأن الهدف لم يكن التهوية، بل استيفاء الشكل العام ورفع الحرج أمام الوزارة.
المراوح المعلّقة في سقف اللجان ظلت صامتة، لا تدور ولا تُبرد، وكأنها قطعة ديكور مدرسية أُضيفت لاستكمال مشهد خادع، لا أكثر.
حيث تم تركيب مراوح دون تشغيلها ليس مجرد خطأ فني، بل إخفاق إداري مباشر في تنفيذ وعود رسمية. والمثير للدهشة، أن وكيل الوزارة لم يُقدّم حتى الآن أي تبرير واضح أو بيان حاسم يشرح سبب غياب التهوية، أو يعتذر عن المأساة اليومية التي يتعرض لها آلاف الطلاب داخل اللجان.
إن المسؤولية هنا لا تحتاج إلى تحقيقات مطولة. فحين يُصرح مسؤول بتوفير مراوح، ثم تُكتشف الحقيقة بأن تلك المراوح بلا كهرباء أو ممنوعة من التشغيل، فإن المساءلة يجب أن تبدأ من مصدر التصريح نفسه.
صمت المسؤول.. وتكرار المشهد
من المقلق أن وكيل الوزارة لم يتحرك لتدارك الأزمة، رغم أن أيام الامتحانات تتوالى، ومعاناة الطلاب تتفاقم. لم تُتخذ إجراءات عاجلة، ولم تُفعّل خطط بديلة، وكأن صحة الطلاب وتحملهم لحرارة الجو أمر ثانوي لا يستحق الالتفات.
بل إن السكوت على هذه الحالة يُفسّر على أنه إقرار ضمني بالفشل أو تواطؤ مع الإهمال.
لا أحد فوق المحاسبة
حين يتعلق الأمر بامتحانات مصيرية، وأجواء امتحانية سيئة تؤثر على تركيز الطالب وأداءه، لا يُمكن التهاون مع مثل هذه الأخطاء.
ولن تجدي التصريحات العامة نفعًا ما لم تُقرن بأفعال ملموسة، وتحقيقات شفافة، ومحاسبة واضحة.
وإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد وضعت خططًا لتهيئة اللجان وتوفير الأجواء الملائمة، فإن ما حدث في الجيزة يُعد خروجًا فاضحًا عن تلك الخطط، وتقصيرًا يستوجب المراجعة والعقوبة.
اخيرا لسنا أمام أزمة مراوح، بل أمام أزمة مسؤول لا يدرك خطورة تجاهل التفاصيل الصغيرة، في منظومة تبني مستقبل وطن.
ولن نُطالب بالكثير، فقط بمسؤولٍ حين يَعِد، يُنفّذ. وحين يُقصّر، يُحاسب.

Scroll to Top