لاشك ان الدراما الهادفة هي إحدى وسائل القوى الناعمة التي تسهم في بناء الوعي وتعزيز الهوية وإلقاء الضوء على مشكلات المجتمع والمساعدة في حلها ، وصناعة الفن هي إحدى روافد الثقافة لما لها من دور في تهذيب وتقويم الفكر والوجدان .
ومنذ فترة انحرف المسار الفني الى المنزلق التجاري بعيدا عن طرح قضايا تسهم في تعميق الفكر والموروث الحضاري والثقافي والتاريخي للحضارة المصرية وتصدير صورة سيئة لواقع تسوده العشوائيات والبلطجة والعنف والفساد وتقديمها بنسبة كبيرة على الخريطة الرمضانية في حالة من الفوضى قد تسهم في إفساد الذوق العام وتقديم صورة غير حقيقية عن الواقع المصري .
وقد حظي ملف الدراما باهتمام القيادة السياسية مما دفع المسئولين إلى التدخل لضبط حالة الفوضى والدعوة إلى تشكيل لجان مشاهدة متخصصة من الخبراء والمثقفين لضبط حالة الفوضى ووضع رؤية مستقبلية بما لا يخل بالحق في حرية الرأي والتعبير ، وهذا لا ينفي وجود أعمال جادة تناولت قضايا مهمة خلال الشهر الكريم منها مسلسلات تناولت قضايا مهمة مثل التحرش بالاطفال في تناول واعي وغير جارح من خلال مسلسل لام شمسية ، ومسلسل الاميرة الذي تناول التوعية للفتيات والشباب من خطورة الزواج بالشخصية النرجسية ، ومشاكل اجتماعية اخرى مثل الطلاق وفكرة المحلل في مسلسل قلبي ومفتاحه وغيرها من الاعمال الجادة .
والمشكلة الأخرى من وجهة نظري تكمن في حصر هذا العدد الضخم من المسلسلات في موسم واحد فقط وترك بقية المواسم بدون انتاج ، هناك فرق بين الزخم والتخمة ، فالزخم يخلق حالة من الابداع والتنافسية والتنوع الا ان التخمة هي فكرة تزاحم الاعمال في شهر رمضان وتسابق المعلنين على اوقات المشاهدة الاعلى وحشو الخريطة واصبح وقت الفقرات الاعلانية يطغى على المادة الدرامية مخالفا لكل المواثيق المنظمة لعرض المحتوى الاعلاني والوقت والمساحة المخصصة له .
كما تلاحظ غياب دراما وبرامج الاطفال والدراما التاريخية والدينية من الخريطة البرامجية رغم اهميتها البالغة وهي موضوعات على درجة عالية من الاهمية لتربية الاجيال القادمة وخلق الوعي ومكافحة الافكار المتطرفة .
وأوجه دعوة من خلال مقالي هذا الى ضرورة ان تهتم الدراما بالصالح العام وتبني قضايا المجتمع الحقيقية وتحقيق التوازن بين الحرية والمسئولية والالتزام بمواثيق الشرف الاخلاقية المنظمة للبث وان تقوم الدراما بنشر خطط المجتمع وأهدافه ودفع قاطرة التنمية ودفع عجلة التقدم لما فيه صالح البلاد ، وكل عام وأنتم بخير
د. عبير عزي تكتب: الدراما الرمضانية في الميزان
